¤ دأب على الذب عن التوحيد، والتحذير من الشرك ووسائله:
أحمد بن حجر بن محمد بن حجر آل بوطامي البنعلي، ولد برأس الخيمة عام ثلاث وثلاثين وثلاثمائة وألف للهجرة، حفظ القرآن في صغره، سافر إلى الأحساء ومكث بها أربع سنوات منكبّاً على طلب العلم على كبار أهل العلم البارزين، منهم: أحمد نور بن عبدالله، وعبدالله محمد حنفي، وأحمد بن علي العرفج، وغيرهم.
تولّى التدريس في معهد إمام الدعوة بالرياض بطلب من الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ. كما تولى القضاء الشرعي في دولة قطر، فإستقر بها رحمه الله إلى أن توفي في الخامس من جمادى الأولى سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة وألف للهجرة 1423 هـ.
=موقفه من المبتدعة:
له مؤلفات عديدة في هذا الباب، كلها دعوة إلى السنة ونبذ للبدعة، منها:
1= الدرر السنية في عقد أهل السنة المرضية -منظومة.
2= اللآلي السنية في التوحيد والنهضة والأخلاق المرضية -منظومة.
3= الشيخ محمد بن عبدالوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه.
4= الرد الشافي الوافر على من نفى أمية سيد الأوائل والأواخر.
5= الإسلام والرسول في نظر منصفي الشرق والغرب.
6= تطهير المجتمعات من أرجاس الموبقات.
7= تحذير المسلمين من البدع والإبتداع في الدين.
8= سبيل الجنة بالتمسك بالقرآن والسنة.
9= الشيخ محمد بن عبدالوهاب مجدد القرن الثاني عشر المفترى عليه.
10= شرح العقائد السلفية بأدلتها العقلية والنقلية.
11= نقض كلام المفترين على الحنابلة السلفيين.
12= الأدلة الساطعات في إثبات المعجزات والكرامات.
13= القول الأقوم في عموم رسالة سيدنا محمد إلى جميع الأمم.
14= الرد المبين على من نسب النقص في الدين وطعن في الصحابة والفقهاء المعتبرين.
قال رحمه الله: ومثل هؤلاء المقلدين للمجتهدين، الذين يخالفون آي القرآن ونص الحديث الصحيح الآتي بخلاف مذهبهم، فيجمدون على المذهب ويتعصبون له، بحجة أن صاحب المذهب أعلم منا، والمتحذلق منهم يؤول الآية على حسب أهوائه ومذهبه، ويرد الحديث بـ -لعله لم يصح عند إمامنا، أو لعل له ناسخاً أو مخصصاً لا نعلمه- ونحو ذلك من الأعذار الواهية والشبهات الداحضة، وأين هؤلاء من هذه الآية الشريفة، ومن قوله تعالى: {اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف:3]، ومن قوله: {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [النساء:59].
على أن الأئمة رحمهم الله لهم الفضل في تدوين العلوم، ومكانتهم لا تخفى، وقد نهوا عن تقليدهم وتقليد غيرهم، وليس كلامنا في العاجز، أو من لم يظهر له الدليل، فإن هذا لا بأس له أن يقلد، وإنما كلامنا فيمن حوى من العلوم ما يمكنه من فهم الآيات والأحاديث، أو ظهر له الدليل بخلاف المذهب وإن لم يحو من العلم شيئاً كثيراً، فإن مثل هذا لا عذر له في ترك النص والأخذ بالتقليد.
وقال رادّاً على محسّني البدع: وكيف لتقسيمهم إلى حسنة وقبيحة أصل وهو ينافي القرآن والحديث، وإليك البيان على وجه الإختصار.
1) أما القرآن، فقد قال الله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة:3] فما إنتقل الرسول من الدنيا إلا والدين كاملاً لا يحتاج إلى الزيادة، ونضيف إلى ذلك: أن التشريع من حق رب العالمين، وليس من حق البشر، ولئن جازت الزيادة في الدين، جاز النقص، ولا قائل بذلك.
بدين المسلمين، إن جاز زيد كفى ذا القول قبحاً يا خليلي
فجاز النقص أيضاً أن يكونا ولا يرضاه إلا الجاهلونا
2) وأما الحديث: ففي الصحيح: «إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة» ولفظ «كل» للعموم، ولا يخرج فرد من الأفراد المبتدعة إلا بمخصص، فأين المخصص هنا، حتى يقال: هذه البدعة وحسنة وخرجت من حيز العموم؟ فإن كان المخصص حديث «ما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله أحسن» فالجواب:
أولاً= إن هذا ليس بحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، بل من كلام ابن مسعود.
وثانياً= إن -ال- في كلمة -المسلمون- إن كان للإستغراق، أي: كل المسلمين فإجماع، والإجماع حجة ولا كلام فيه، وإن كان للجنس فيستحسن بعض المسلمين هذا الأمر ويستقبحه البعض الآخر، كما هو الواقع في أكثر البدع، وعليه فقد سقط الاحتجاج بهذا الأثر.
= موقفه من المشركين:
لقد دأب رحمه الله على الذب عن التوحيد والتحذير من الشرك ووسائله، فألف في ذلك المؤلفات، فمن ذلك:
1- تطهير الجنان والأركان عن درن الشرك والكفران.
2- تنزيه السنة والقرآن عن أن يكونا من أصول الضلال والكفران.
3- القاديانية ودعايتها الضالة والرد عليها.
4- البابية والبهائية وأهدافها في دعوة النبوة والرد عليهما.
قال رحمه الله: سبب الشرك الغلوّ في الصالحين، ومن هنا نعلم أن الشرك إنما حدث في بني آدم بسبب الغلو في الصالحين، ومعنى الغلو: الإفراط بالتعظيم بالقول والإعتقاد، ولهذا قال الله تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ} [النساء:171]، أي: لا تفرطوا في تعظيمه حتى ترفعوه عن منزلته التي أنزله الله، فتنزلوه المنزلة التي لا تنبغي إلا لله.
والخطاب وإن كان لأهل الكتاب، فإنه عام يتناول جميع الأمة، تحذيراً لهم أن يفعلوا بنبيهم، كما فعلت النصارى في عيسى، واليهود في عزير، ولهذا ورد في الحديث الصحيح عن عمر بن الخطاب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تُطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا عبدالله ورسوله»، أي: لا تتجاوزوا الحد في مدحي، فتنزلوني فوق منزلتي التي أنزلني الله بها، كما غلت النصارى في عيسى فادّعوا فيه الألوهية، وإنما أنا عبدالله ورسوله، فصفوني كما وصفني ربي.
ولكن أبى الجاهلون والمخرفون إلا مخالفة أمر رسول الله، وإرتكاب نهيه، فناقضوه أعظم مناقضة، وضاهؤوا النصارى في غلوهم وشركهم، وبنوا القباب والمساجد على أضرحة الأولياء والصالحين، وصلوا فيها -وإن كان لله- لكن بقصد التعظيم للمقبورين، وطافوا بقبورهم، وإستغاثوا بهم في كشف الملمات وقضاء الحاجات، ورأوا أن الصلاة في أضرحة الأولياء أفضل من الصلاة في المساجد.
وقد ورد في الحديث الشريف عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت: لما نُزِل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه، فإذا اغتمّ بها كشفها، فقال -وهو كذلك-: «لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد»، يحذر ما صنعوا، ولولا ذلك أبرز قبره، غير أنه خشي أن يتخذ مسجداً، أخرجه الشيخان.
وجرى منهم الغلو في الشعر والنثر ما يطول عده، حتى جوزوا الإستغاثة بالرسول صلى الله عليه وسلم وسائر الصالحين، في كل ما يستغاث فيه بالله، ونسبوا إليه علم الغيب! حتى قال بعض الغلاة: لم يفارق الرسول الدنيا حتى علم ما كان وما يكون!، وخالفوا صريح القرآن: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} [الأنعام:59]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان:34].
وإذ علمتم أن الشرك حدث بسبب الغلو في الصالحين، وأنه إنما جاءت الرسل من أولهم إلى آخرهم يدعون العباد إلى إفراد الله بالعبادة، لا إلى إثبات أنه خلقهم ونحوه، إذ هم مقرّون بذلك، كما قررناه وكررناه.
ولذا قالوا: {قَالُواْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} [الأعراف:70] أي: لنفرده بالعبادة ونخصه بها من دون آلهتنا!.
= موقفه من الصوفية:
ـ قال: ليعلموا أن كثيراً من صلواتهم وأدعيتهم وأذكارهم وأحزابهم مما إبتدعه بعض الفقهاء الجامدين، أو المتصوفة المبطلين، أنها من البدع والضلالات التي ما أنزل الله بها من سلطان، مثل الذكر بالاسم المفرد: -الله الله، أو يا هو يا هو-. ومثل حلق المريدين -اجتماعهم في حلقات- الذين يزعمون أنهم يذكرون الله بمثل هذه الأذكار المخترعة.
المصدر: موقع دعوة الانبياء.